يُعد التوت البري أحد أهم الأطعمة الجيدة للصحة. ترجع الفوائد الصحية المدهشة والمتنوعة للتوت البري في المقام الأول إلى محتواه العالي من الأصباغ الخاصة المعروفة باسم الأنثوسيانين. تلك الفلافونيدات الخاصة هي المسؤولة عن اللون الأزرق أو الأرجواني الداكن للتوت البري.

إضافة إلى منح الفواكه والزهور ألوانها، فالفلافونيدات مسؤولة عن العديد من الفوائد الصحية للأطعمة والعصائر والأعشاب. وتم التعرّف على أكثر من 8,000 مركّب فلافونويد وتصنيفها وفقًا لتركيبها الكيميائي. يُطلق على الفلافونيدات أحيانًا "معدلات الاستجابة الحيوية الطبيعية" لما لها من خصائص مضادة للالتهابات والحساسية والفيروسات والسرطان.

بل إنها لحقيقة راسخة أن تناول كميات أكبر من الفلافونيدات يقدّم فوائد صحية ملموسة. أظهرت دراسة جديدة الآن أن الاستهلاك المنتظم للتوت البري يمكن أن يكون له تأثيرات سريرية في خفض ضغط الدم العالي.

بيانات سابقة

أظهرت جميع الدراسات السكانية أن استهلاك مصادر الفلافونويد مثل التوت والتفاح و الشاي الأخضر والشوكولاتة الداكنة والنبيذ الأحمر له صلة بانخفاض خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية بشكل ملحوظ. فمثلًا، أظهرت الدراسة الثانية لصحة الممرضات(NHS)  التي أجريت على 93,600 سيدة أن تناول أكثر من ثلاث حصص من التوت البري والفراولة في الأسبوع كان له صلة بانخفاض التعرض لخطر النوبات القلبية بنسبة 34% مقارنة بهؤلاء الذين يتناولون التوت مرة في الشهر أو أقل.

ويرجع السبب وراء الفوائد الرئيسية لاستهلاك الفلافونويد في الحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية (CVD) بشكل كبير إلى آثاره في تحسين وظائف الخلايا المبطنة للأوعية الدموية (الخلايا البطانيّة). تلعب الخلايا البطانيّة دورًا محوريًا في تنظيم توتّر الأوعية الدموية ونسيجها وكذلك التهاب الأوعية الدموية وتخثر الدم. تبدأ أضرار التصلُّب الشرياني (تصلب الشرايين) أولًا بتضرر الخلايا البطانيّة. وقد ثبت أن مركبات الفلافونويد وخصوصًا الأنواع الموجودة في التوت تحمي الخلايا البطانيّة وتحسّن وظائفها.

بيانات جديدة:

في دراسة أجريت في جامعة ولاية فلوريدا، تم تسجيل 48 سيدة بعد سن اليأس لديهن ارتفاع طفيف في ضغط الدم لتقييم آثار الاستهلاك اليومي للتوت البري لمدة ثمانية أسابيع. تم تكليف السيدات عشوائيًا بتناول إمّا 22 غ من مسحوق التوت البري المجفف بالتبريد أو 22 غ من مسحوق المراقبة يوميًا. يساوي 22 غ من مسحوق التوت البري المجفف بالتبريد حوالي كوب من التوت البري الطازج وهي جرعة يمكن للأشخاص تناولها بشكل يومي. 

بالإضافة إلى قياسات ضغط الدم، تم قياس تصلب الشرايين وقياس مستويات البروتين المتفاعلC- وأكسيد النيتريك وسوبر أكسيد ديسميوتاز في الدم لفترة أساسية 4 أسابيع و8 أسابيع.

بعد 8 أسابيع، أصبح ضغط الدم الانقباضي وضغط الدم الانبساطي (131 ملم زئبق و 75 ملم زئبق على التوالي) أقل بشكل ملحوظ من المستويات الأساسية (138  ملم زئبق، 80  ملم زئبق) بينما لم تكن هناك أية تغييرات في المجموعة التي تناولت مسحوق التحكم. كما تم ربط استهلاك التوت البري أيضًا بتحسن تصلب الشرايين.

مع ذلك، كان التغيير الأكبر في مستويات أكسيد النيتريك. وأظهرت النتائج أن مستوى أكسيد النيتريك كان أكبر في المجموعة التي تناولت مسحوق التوت البري(15.35 مكرومول/لتر)  بعد 8 أسابيع مقارنة بالقيم الأساسية (9.11 مكرومول/لتر) بينما لم تحدث أية تغييرات في مجموعة المراقبة.

يلعب أكسيد النيتريك دورًا مركزيًا في تحديد توتر الأوعية الدموية. فهو تحديدًا يمارس تأثيرًا مرخيًا للأوعية الدموية وبالتالي تحسين تدفق الدم. كما يحسّن أيضًا سيولة الدم ويقلل تكوين التخثرات الدموية.

تظهر تلك النتائج بوضوح تام أن الاستهلاك اليومي للتوت البريّ قد يخفض ضغط الدم وتصلب الشرايين وقد يكون سبب ذلك، جزئيًا، زيادة انتاج أكسيد النيتريك.

التعليق:

تظهر هذه الدراسة بوضوح تام أهمية مركبات الفلافونويد الغذائية في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية. ولكن الفلافونويدات المختلفة وغيرها من الأصباغ النباتية تقدّم فوائد صحية مختلفة. وأحد التوصيات الغذائية الهامة للأشخاص هي أن يتبعوا حمية "قوس قزح"  فهم بحاجة إلى التركيز على الفاكهة والخضروات الملوّنة. فتناول الفاكهة والخضروات الملوّنة بانتظام – حمراء، برتقالية، صفراء، خضراء، زرقاء وأرجوانية – تزوّد الجسم بمجموعة كاملة من الأصباغ بتأثيرات قوية مضادة للأكسدة بالإضافة إلى العناصر الغذائية التي يحتاجها لأفضل أداء وحماية من الأمراض.

بالإضافة إلى حمية قوس القزح ، أوصي أيضًا بتناول نوعًا من المستخلصات الغنية بالفلافونويد مثل التوت البري والشاي الأخضر، Ginkgo biloba، الكرز، لحاء الصنوبر أو بذور العنب بصورة يومية. وبالطبع فإن تناول 1-2 أوقية من الشوكولاتة الداكنة خلال اليوم أو أي مصدر آخر لفلافانولات الكاكاو شيء آخر أؤيده أيضًا. 

المرجع:

  1. Johnson SA, Figueroa A, Navaei N, et al. Daily Blueberry Consumption Improves Blood Pressure and Arterial Stiffness in Postmenopausal Women with Pre- and Stage 1-Hypertension: A Randomized, Double-Blind, Placebo-Controlled Clinical Trial. J Acad Nutr Diet. 2015 Jan 2. pii: S2212-2672(14)01633-5